الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المقصد العلي في زوائد مسند أبي يعلى الموصلي
قَالَتْ: فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ سَبْغَةٌ لَهُ، يَعْنِي مِغْفَرًا، فَقَالَ عُمَرُ: مَا جَاءَ بِكِ؟ لَعَمْرِي وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلاَءٌ أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ؟ قَالَتْ: فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا، قَالَتْ: فَرَفَعَ الرَّجُلُ السَّبْغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ وَيْحَكَ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرَقَةِ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ قَالَتْ: وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ في الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتْ: فَرَقَى كَلْمُهُ وَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَكَفَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوِيًّا عَزِيزًا، فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا في صَيَاصِيهِمْ وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَضَعَ السِّلاَحَ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ في الْمَسْجِدِ، قَالَتْ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَنَقْعُ الْغُبَارِ، فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ بَعْدُ السِّلاَحَ، اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ، قَالَتْ: فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأْمَتَهُ وَأَذَّنَ في النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ فَقَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَقَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِي وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِي تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنُّهُ، وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَقَالَتْ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا اشْتَدَّ حِصَارُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ قِيلَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ، قَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» فَنَزَلُوا وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِي بِهِ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ، قَالَتْ: وَأَنَّى لاَ يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: قَدْ آنَ لِي أَنْ لاَ يأخذنى في اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمَّا طَلَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزَلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ: سَيِّدُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: أَنْزِلُوهُ فَأَنْزَلُوهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْكُمْ فِيهِمْ» قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ وَقَالَ يَزِيدُ بِبَغْدَادَ وَيُقْسَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمِ رَسُولِهِ» قَالَتْ: ثُمَّ دَعَا سَعْدٌ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَالَتْ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَكَانَ قَدْ بَرِئَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلاَّ مِثْلُ الْخُرْصِ، وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَتْ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ عُمَرَ مِنْ بُكَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَا في حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح]، قَالَ عَلْقَمَةُ: قُلْتُ أَىْ أُمَّهْ: فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لاَ تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجِدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، في تَفْسِيرِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: صَبَّحَ نَبِي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَقَدْ أَخَذُوا مَسَاحِيَهُمْ وَغَدَوْا إِلَى حُرُوثِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا نَبِي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ الْجَيْشُ نَكَصُوا مُدْبِرِينَ فَقَالَ نَبِي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَعْقُوبَ في مَغَازِي أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الأَسْلَمِي، عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي سَلِمَةَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ عَشِيَّةً إِذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلٍ مِنْ يَهُودَ تُرِيدُ حِصْنَهُمْ وَنَحْنُ مُحَاصِرُوهُمْ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَجُلٌ يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ» قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَافْعَلْ»، قَالَ: فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ مِثْلَ الظَّلِيمِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَمْتِعْنَا بِهِ»، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَتْ أَوَائِلُهَا الْحِصْنَ فَأَخَذْتُ شَاتَيْنِ مِنْ أُخْرَاهَا فَاحْتَضَنْتُهُمَا تَحْتَ يَدَىَّ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهِمَا أَشْتَدُّ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعِي شَىْءٌ، حَتَّى أَلْقَيْتُهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَبَحُوهُمَا فَأَكَلُوهُمَا، فَكَانَ أَبُو الْيَسَرِ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلاَكًا، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى، ثُمَّ يَقُولُ: أُمْتِعُوا بِي لَعَمْرِي كُنْتُ آخِرَهُمْ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِي، قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِي مِنْ حِصْنِهِمْ قَدْ جَمَعَ سِلاَحَهُ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ مُبَارِزٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لِهَذَا؟» فَقَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ قَتَلُوا أَخِي بِالأَمْسِ، قَالَ: «فَقُمْ إِلَيْهِ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ» فَلَمَّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ عُمْرِيَّةٌ مِنْ شَجَرِ الْعُشَرِ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَلُوذُ بِهَا مِنْ صَاحِبِهِ، كُلَّمَا لاَذَ بِهَا مِنْهُ اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دُونَهُ حَتَّى بَرَزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ مَا فِيهَا فَنَنٌ ثُمَّ حَمَلَ مَرْحَبٌ عَلَى مُحَمَّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتَّقَى بِالدَّرَقَةِ فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا، فَعَضَّتْ بِهِ فَأَمْسَكَتْهُ وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَرَوْحٌ الْمَعْنَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَوْحٌ الْكُرْدِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِي، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِصْنِ أَهْلِ خَيْبَرَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللِّوَاءَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَنَهَضَ مَعَهُ مَنْ نَهَضَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَقُوا أَهْلَ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لأُعْطِيَنَّ اللِّوَاءَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُه»، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ في عَيْنَيْهِ، وَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ وَنَهَضَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَقِي أَهْلَ خَيْبَرَ وَإِذَا مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَعَلِي ضَرْبَتَيْنِ فَضَرَبَهُ عَلَى هَامَتِهِ حَتَّى عَضَّ السَّيْفُ مِنْهَا بِأَضْرَاسِهِ وَسَمِعَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ، قَالَ: وَمَا تَتَامَّ آخِرُ النَّاسِ مَعَ عَلِي حَتَّى فُتِحَ لَهُ وَلَهُمْ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةُ، قَالَ: حَاصَرْنَا خَيْبَرَ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجَهْدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي دَافِعٌ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ»، فَبِتْنَا طَيِّبَةٌ أَنْفُسُنَا أَنَّ الْفَتْحَ غَدًا، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ في عَيْنَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ وَفُتِحَ لَهُ، قَالَ بُرَيْدَةُ: وَأَنَا فِيمَنْ تَطَاوَلَ لَهَا.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَحُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالاَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ الْعِجْلِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِي يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الرَّايَةَ فَهَزَّهَا ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا؟ فَجَاءَ فُلاَنٌ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: أَمِطْ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخر فَقَالَ: أَمِطْ ثُمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لأُعْطِيَنَّهَا رَجُلاً لاَ يَفِرُّ، هَاكَ يَا عَلِي» فَانْطَلَقَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَجَاءَ بِعَجْوَتِهِمَا وَقَدِيدِهِمَا قَالَ مُصْعَبٌ بِعَجْوَتِهَا وَقَدِيدِهَا.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الأَشْقَرُ، حَدَّثَنِي ابْنُ قَابُوسَ ابْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِي، رَضِي اللَّه عَنْه، قَالَ: لَمَّا قَتَلْتُ مَرْحَبًا جِئْتُ بِرَأْسِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِي حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِي بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَّسَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَزَلْ في يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي في نَفَرٍ مَعِي سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاَطٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالاً، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلاً، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ فَأَنَا في حِلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِي مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ: فَفَشَا ذَلِكَ في مَكَّةَ وَانْقَمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا، قَالَ: وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْعَبَّاسَ فَعَقِرَ وَجَعَلَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ، قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِي عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ قُثَمُ فَاسْتَلْقَى فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: ثُمَّ أَرْسَلَ غُلاَمًا إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاَطٍ، فقال: وَيْلَكَ مَا جِئْتَ بِهِ وَمَاذَا تَقُولُ، فَمَا وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاَطٍ لِغُلاَمِهِ: اقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ: فَلْيَخْلُ لِي في بَعْضِ بُيُوتِهِ لآتِيَهُ فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ، فَجَاءَ غُلاَمُهُ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ، قَالَ: فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ في أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَيَّرَهَا أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ، أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَاهُنَا، أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ فَأَذْهَبَ بِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ فَأَخْفِ عَنِّي ثَلاَثًا ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ، قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِي وَمَتَاعٍ فَجَمَعَتْهُ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَقَالَتْ: لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ، قَالَ: أَجَلْ لاَ يُخْزِنِي اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلاَّ مَا أَحْبَبْنَا فَتَحَ اللَّهُ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَكِ حَاجَةٌ في زَوْجِكِ فَالْحَقِي بِهِ قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ الأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ لاَ يُصِيبُكَ إِلاَّ خَيْرٌ يَا أَبَا الْفَضْلِ قَالَ لَهُمْ: لَمْ يُصِبْنِي إِلاَّ خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، قَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاَطٍ أَنَّ خَيْبَرَ قَدْ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِي عَلَيْهِ ثَلاَثًا وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شيء هَاهُنَا ثُمَّ يَذْهَبَ، قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ الْكَآبَةَ الَّتِي كَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ وَرَدَّ اللَّهُ يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ حُزْنٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِي بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَغْنَمًا قَطُّ إِلاَّ قَسَمَ لِي، إِلاَّ خَيْبَرَ فَإِنَّهَا كَانَتْ لأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو مُوسَى جَاءَا بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ.حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَنْصَارِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ نَبِي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فَلَمَّا بَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُ أَكْبَرُ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ.
|